عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الجموع التي بدأت تختلف ردات فعلها وإن كانت قد إتفقت في بعض الأمور فقال لهم : (مَن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت)
وبقول الصديق الحبيب هذه الجملة يتبين لي أول معنى من معاني (الولاء) وهنا تبرز أعظم معانيه .. وأعتقد بأنه درس أول لمعاشر المسلمين من بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام وللمسلمين بعده كافة ..
إن الحب الذي أكنه المسلمون الأول للنبي لم يكن عادياً .. ومع ذلك لم تختلف عقائدهم للدين بعد موته فهم يعلمون لمن تكون العبادة ولمن يكون الولاء .. وعلى الرغم من الألم الشديد الذي أحس به أشد الناس ملاصقة للنبي عليه الصلاة والسلام فهو لم يمنعه من أن يقول مثل هذه الجملة مذكراً نفسه والمسلمين من هو النبي وماهي الرسالة..
وعلى الرغم من هذا الدرس الكبير في أول اللحظات بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام إلا أننا نجد أناساً تناسوا أين يكون ولائهم .. فنجدهم يتبعون إمامهم أو عالمهم وكبيرهم بطريقة تتبعية ليس فيها أي معنى للتفكير
. حتى إذا ماأخطأ إتبعوه في خطئه أو تناسوا أي علم إغترفوه على يديه وألصقوا كل الأخطاء بما يقول وأتبعو شخصه بشتى الإهانات .. !
إنني أعرف أن الإنتماء للشخص وتعظيمه يكون عادة في الأشخاص مقتبلي العمر .. و(المراهقون) .. أما الإنتماء والولاء للفكرة أو المنهج بعض النظر عن قائده أو مناديه أو حتى أتباعه فهو من سمة (العقلاء)
إن التجرد للفكرة بحد ذاتها والولاء لها يضمن لك البعد إتهام شخوص الناس والحيرة الشديدة ودخول الشك لمنهجك .. فمهما كان قائدك أو عالمك فطناً ومجيداً فهو في النهاية إنسان غير معصوم من الخطأ .. ودورك في هذه الحالة أن تنصحه وتوجهه وقد يكون ذلك بكلامه هو .. لكن أن تتبعه أو تقذف بمنهجك عرض الحائط فهاذا يدل على عدم ولائك لفكرك وتقليدك للناس تقليداً أعمى ..
إن هذا الدين لم ينزل على العلماء فقط .. ولم ينزل على الدعاة فقط .. بل بينه الله للناس كافة ودعوة الرسول كانت للناس كافة .. فلا تحجروا أسماعكم وتضيقوا عقولكم ثم تفيقوا بعد فوات الأوان .. !